نشرت جريدة الدستور في عددها رقم 5696 المقال التالي للكاتب حمدي العطار: د. حسنين الابراهيمي يقدم: كتاب يدعو الى نشر ثقافة ادارة الأعمال الفنية وقدم خريطة موضوعية للتيارات السياسية مرتبطة بالفن التشكيلي بغداد – حمدي العطار هذا الكتاب (اضاءات على تاريخ وتطور الحركة التشكيلية في العراق) – خمسينيون وستينيون – براعة التمرد وولع التجريب ، هو كتاب فريد في موضوعه ونهجه، فهو يعد المرجع الاهم في مجال التأيف والتعريف بالفن التشكيلي العراقي، وتجسد في منهج المؤلف ان يقدم نظرة تاريخية – سياسية واجتماعية وفكرية تمثل الابعاد غير الفنية للمنجز للرسامين في العراق في مرحلة تاريخية هي الاصعب ، وفيها تأسست المجاميع التشكيلية .وقد حاء في المدخل الذي كتبه (بلاسم محمد جسام) وبعنوان "مجموعة الإبراهيمي ، ذاكرة الفن العراقي ، ففي هذا المدخل يتحدث عن مفهوم (ادارة الفن) قائلا :- تغيرت إدارة الفن مثلما تغير الفن نفسه، بعد أن أصبحت الإدارة أحد العلوم المعرفية التي تحدد مسارات الفن واتجاهاته ورواجه وتذوقه. ولم يعد تداول الفن مجرد عملية تنظيم وإظهار معروضات بغية الكشف عن سياقها أو مسألة أمكنة لها خصوصيات تقوم لأسباب معينة وتخضع لضغوطات اقتصادية تزول بزوال هذه الاسباب، لقد صار لإدارة الفن برنامجها الثقافي والتزامها العملي والعلمي والاقتصادي، وهي مهمة تقع في أولويات عالم الفن"ص14. لقد ظهر هذا الكتاب وهو يقع في فصلين ويحمل مجموعة عناوين ( المقدمة – مجموعة الأبراهيمي ،ذاكرة الفن العراقي- الفن بوابة المعرفة- الفصل الاول :ساحة الفنون التشكيلية في ثلاثة عقود 1950- 1970 – في الاسس التنظيرية للفن التشكيلي العراقي المعاصر- تطور المشهد وفاعلية الحركة- المسار الزمني لأهم الأحداث السياسية في العراق والمنطقة 1934- 2003- المسار الزمني لأهم الأحداث الفنية في العراق- تشكيليون من جيل الخمسينات- ملحق للإصدار الأول: اعمال مكملة لتشكيلين من جيل الخمسينات ممن ذكروا في الاصدار الاول من السلسلة- الفصل الثاني: التشكيليون السيتنيون من الرعيل الأول المولودون بين عامي( 1930- 1938 ) ويملأ 509 صفحة من الحجم الكبير ، وفي كتاب باللغتين العربية والانجليزية تزين صفحاته مجموعة من صور الوحات للرسامين . اما منهجنا في عرض هذا الكتاب فقوامه الوقوف عند بعض المعلومات التي يسوقها الكتاب . والعمل على نقل اهمها الى القارئ بدقة وأمانة. في الرؤية والتنظير الفني والهوية جاءت في هذه الفقرة التي تحت عنوان (الفن بوابة المعرفة) قدم لنا الابراهيمي توصيفا سياسيا للحركات الاجتماعية والسياسية وهي تمثل الافكار الضاغطة على الفنان ليحدد اتجاهات الرسم ومضامينها " عبر الفنانون العراقيون من جيل الخمسينات والستينات والسبعينات عن رؤاهم الفنية من خلال الجماعات الفنية، ونحسب أن زخم هذا الحراك الرؤيوي- التشكيلي والحرص عليه ومتابعته كان مستمدا من عدة عوامل وظروف حكمت مده وجزره، منها محلية والأخرى عالمية. 1-ظروف العراق السياسية وبروز الحراك السياسي الرؤيوي الذي صنف المثقفين إلى أحزاب وحركات واتجاهات مثل: • الاتجاه اليساري (الشيوعيون اللينيون، الاشتراكيون، الشيوعيون الماويون، الشيوعيون التروتسكيون... الخ) • الاتجاه القومي الاشتراكي ( البعثيون العراقيون، البعثيون السوريون، القوميون العرب، الناصريون...الخ) • اتجاهات الفكرية الغربية ( الوجوديون، العدميون، الرأسماليون الغربيون ...الخ) • الاتجاه (الإسلامي- العربي) ويوضح الابراهيمي معلقا على هذا التوصيف "لا نقول أن الجماعات الفنية قد صنفت على هذا الأساس ولكن ذلك الحراك السياسي والمناقشات والجدل الساخن الذي كان يجري في المجتمعات ليس داخل العراق ولكن أيضا في الإقليم والعالم، كون بيئة عززت الدافع لتكوين (الرؤية التشكيلية) وبالتالي التجمع ضمن مجموعة تتأزر ويكون لها لغة مشتركة وفهم متفق عليه للأشياء والتحديات التي تحيط بهم"ص32 والكتاب قدم لنا أيضا فكر الابراهيمي بمنهجية جديدة من منظور ما كان عليه الفكر الاجتماعي والسياسي. وجاء في عنوان (المنظرون والتشكيليون) ما يلي: قد يتيح لنا خوض تجربة تصنيف افتراضي للفنانين التشكيلين العراقيين على اساس فكري نظري، والذي سيؤدي بنا إلى اقتراح تصنيف الفنانين العراقيين حسب تجربتنا مع أعمالهم على مدى الحقب الماضية ، الى ثلاثة مجاميع رئيسية: 1- الفنانون المنظرون: وهم من الذين اشتغلوا الفن بناء على نظرية أو فكر نظروا لهما أو تبنوهما ( بغض النظر عن هذه النظرية إن كانت شرقية أو غربية مادية او غيبية) فقد ظلوا مخلصين لفكرهم الفني ورؤيتهم إلى نهاية مسيرتهم الفنية وإن تغيرت رؤيتهم أو أسلوبهم، اي أنهم اشتغلوا على نظرية ونظروا لأعمالهم مثل شاكر حسن آل سعيد المتبني للفكر الصوفي الإسلامي، كاظم حيدر الذي تبنى الفكر الأكاديمي بأساليب مختلفة، ضياء العزاوي المتبني للتراث الرافديني والوطني، محمد مهر الدين الذي نظر للنقد بأسلوب حداثوي، وعلي طالب الذي تبنى الرمزية الإشارية بأسلوب حداثوي في الفن التشكيلي 2- الفنانون التشكيليون :وهم من الفنانين الذين لم يعرف عنهم تبنيهم لنظرية معينة ولم نقرأ او نطلع أنهم قد روجوا لفكر معين بعينه وقد اولوا المدارس أو الأساليب الفنية التشكيلية جل اهتمامهم بدون تنظير أو رأي مكتوب سمع أو نشر عنهم مثل (عبد القادر الرسام، محمد صالح زكي، عاصم حافظ، عطا صبري، سعاد سليم، عيسى حنا، فائق حسن، إسماعيل الشيخلي، خالد القصاب، خالد الرحال، ) فهم فنانون اهتموا بالشكل والأسلوب والجانب الجمالي والمضمون داخل العمل الفني دون الذهاب إلى أبعد من العمل الفني. 3- الفنانون الفطريون: وهم الفنانون الذين لم يتلقوا تعليما تشكيليا فنيا او تلقوا مثل هذا التعليم ولكنهم ظلوا في إطار إخلاصهم للفنون الفطرية البدائية متمثلين لقى وتماثيل حضارات وادي الرافدين مثل (منعم فرات، حيدر سالم وغيرهم) سيظل هذا الكتاب مرجع الباحثين لكونه سجلا صادق وتنبه اهميته الذي عرضنا ابرز افكاره الرئيسة الى أن اسلوبه هادئا ورصينا ،و حين يراد كتابة اي بحث او دراسة عن تاريخ الحركة التشكيلية في العراق سيكون في حاجة ماسة لهذا المصدر المهم ، وهو بالتأكيد يعد وثيقة للمؤرخين ، وان مؤلف هذا الكتاب د. حسنين الابراهيمي استحق لقب (مؤرخ الحركة التشكيلية) وهو أقدر من كتب في مجال تاريخ الفن التشكيلي.